المركزي يقر رفع جديد لأسعار الفائدة..ماذا يعني ذلك؟
قرر البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة الرئيسية مرة أخرى، ، ليواصل بذلك سياسته النقدية المشددة لكبح التضخم الآخذ في التسارع صعودًا.
قال البنك المركزي المصري في بيان إنه رفع أسعار الفائدة الرئيسية 200 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم الخميس.
ورفعت اللجنة سعر الفائدة على الإقراض لأجل ليلة واحدة إلى 12.25 بالمئة من 10.25 بالمئة، وزادت سعر الإيداع لليلة واحدة إلى 11.25 بالمئة من 9.25 بالمئة.
كان محللون قد توقعوا في استطلاع رأي أجرته رويترز هذا الأسبوع أن يرفع البنك سعر فائدة الإقراض بمتوسط 200 نقطة أساس إلى 12.25 بالمئة، ورفع فائدة الإيداع لليلة واحدة 175 نقطة أساس إلى 11 بالمئة.
وكان البنك المركزي المصري قد فاجأ الجميع بعقد اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية يوم 21 مارس الماضي، حين قرر رفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس على الإيداع والإقراض، لتصل إلى 9.25 و10.25% على التوالي.
لكن، ماذا يعني قيام البنك المركزي المصري، برفع أسعار الفائدة؟ وكيف سيتأثر المواطن من هذا القرار، سواء كان مقترضًا أو صاحب وديعة، أو حتى مستهلك أو مواطن عادي؟.
قرار رفع أسعار الفائدة، يعني أن البنك المركزي سيأخذ فائدة أعلى من البنوك المقترضة منه أي أن الأموال ستكون أكثر كلفة على المقترضين، في المقابل، فإنه سيقدم لها سعر فائدة لودائع هذه البنوك لديه.
وكما هو معروف، فإن إحدى أبرز مهام البنك المركزي في أي بلد في العالم، أنه يقوم بمهمة البنك المقرِض للبنوك التابعة له في الدولة ويتقاضى مقابلها فوائد، وأنه كذلك الجهة المحافظة على ودائع هذه البنوك مقابل فائدة يقدمها على هذه الودائع.
تهدف هذه المهمة في المقام الأول، لحماية السوق المحلية من أي فائض أو شح في المعروض النقدي، وما لذلك من تبعات تؤثر على قيمة العملة وعلى مستويات التضخم.
هنا، تكون مهمة البنك المركزي مثل مهمة ميزان الحرارة وخافض الحرارة، إذ تتلخص مهمته في هذه النقطة بالحفاظ على توازن وفرة النقد داخل البنوك والأسواق، والتي يتحكم فيها من خلال رفع أو خفض أسعار الفائدة.
وكان الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية "معدل التضخم" قد بلغ 129 نقطة لشهر إبريل ، مسجلاً بذلك ارتفاعًا قدره 3.7% عن شهر مارس، وسجل معدل التضـخم السنوي 14.9% لإبريل مقابل 4.4% لنفس الشهـر من العام السابق، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وتأتي أهمية رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم من خلال سحب السيولة بالسوق المحلي، مما يقلل القدرة الشرائية بهدف كبح ارتفاع الأسعار، مضيفًا أن قرار الفائدة سيتتبعه زيادة البنوك للودائع لتشجيع المواطنين على الادخار في الشهادات البنكية.
وسبق أن أطلق بنكي الأهلي ومصر شهادات ادخار بعائد يصل إلى 18% سنويًا، بهدف سحب السيولة من الأسواق، وجمعت هذه الشهادات أكثر من 600 مليار جنيه.
والبنك المركزي المصري ليس أمامه خيار سوى مواصلة وتيرة رفع الفائدة وتشديد سياسته النقدية، للوصول إلى مستهدفاته لمستوى التضخم السنوي عند مستوى 7% (بزيادة أو نقصان 2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022. ومن المتوقع زيادة أسعار الفائدة بمعدل 200 نقطة أساس إضافية خلال اجتماع يونيو أو يوليو، وفقًا لبيانات معدل التضخم.
ويعني رفع أسعار الفائدة، أن كلفة المال الذي يحصل عليها البنك من البنك المركزي، ستكون أعلى، نفس الأمر بالنسبة للأموال التي يحصل عليها المقترض العادي من البنك.
وليس بالضرورة أن تنعكس نفس نسبة الفائدة التي يعلنها البنك المركزي على العملاء، لأن هناك عامل أو أكثر تؤثر على سعر الفائدة على القروض والودائع في العلاقة بين البنك والعميل.
العامل الأول يتمثل في وجود أداة لحساب سعر الفائدة العادل لسلة عملات، كان سابقا يطلق عليه "الليبور" والذي ما زال معمول به، لكن آلاف البنوك حول العالم تبنت آلية أخرى تحدد سعر الفائدة كل فترة، وعادة ما تكون قصيرة.
العلاقة الثانية، هي أن العميل هو مصدر الأموال الأكبر للبنك، وبدون ودائع العملاء لما تمكنت البنوك من العمل والاستثمار وإعادة الإقراض، بالتالي فإنها تفتح شهية العملاء على إيداع أموالهم مقابل الحصول على نسبة فائدة مقبولة بالنسبة لهم.
في هذه الحالة، تقوم البنوك بمهمة أداة امتصاص النقد من الأسواق المحلية، وتتحول هذه السيولة إلى ودائع يحصل أصحابها مقابل إيداعها على فائدة تصرف كل فصل أو نصف عام أو عام.
مع قرار رفع أسعار الفائدة، سيتراجع الطلب على الاقتراض، وسيرتفع الطلب على إيداع الأموال، وهذا كله يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي، عبر تراجع وتيرة الاستثمار وضعف وتيرة الإنفاق.
هنا تتضرر غالبية مفاصل الدورة الاقتصادية، لتتأثر قطاعات أبرزها التوظيف، الإنتاج، ضعف السوق، القوة الشرائية الشحيحة، وبالمحصلة، ارتفاع البطالة وضعف النمو، وما لذلك من آثار سلبية على بيئة العمل.
وعلى الرغم من أن أسعار المواد الغذائية قد تهدأ نسبيًا في الشهر القادم مع اتزان الطلب بعد شهر رمضان، إلا أنه من المتوقع أن تكون أسعار المواد الغذائية هي الدافع الرئيسي لمتوسط التضخم المتوقع لاستقراره عند 14.0% على مدار الفترة المتبقية من عام 2022 بسبب ضعف القوة الشرائية الناتجة عن انخفاض مستويات العملة وتوجيه معظم الطلب إلى المواد الغذائية الأساسية.
والتدفقات المستفيدة من فوارق الأسعار ضرورية في هذه المرحلة لدعم صافي الاحتياطي الأجنبي لمصر ومع ذلك، سيكون من الصعب على مصر جذبها، نظرًا لعمليات البيع المكثفة في الأسواق الناشئة من قبل المستثمرين الأجانب.